سوريا والمسؤولية التي يجب.
محمد أمين عزالدين الحميري
كاتب سلفي
عضو رابطة علماء اليمن
مع الأسف الشديد، فرغم الحقائق التي تتجلى أمام مرأى ومسمع العالم مما يخطط له الأمريكي والاسرائيلي في منطقتنا العربية ويستهدف المسلمين عموما ، إلا أن الكثير من أبناء أمتنا في سبات عميق ، ولعل من أبرز الشواهد على ذلك مايجري اليوم من مؤامرة على الشعب الفلسطيني، والحصار الخانق على غزة بمنع دخول المساعدات، والتنصل عن الالتزام بأي اتفاقيات تصب في مصلحة الشعب في غزة، إلى جانب هذا الإجرام ، ذلك التوسع الاسرائيلي في جنوب سوريا ، والمخطط القذر الذي ينتوي الأمريكي تنفيذه على حساب سوريا الشقيقة ، ويصب في مصلحة اسرائيل ، ومايسمى بدولة اسرائيل الكبرى، مستغلين حالة الانفلات التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مع تحفظنا على بعض سياساته بلا شك أثناء حكمه، وإدراكنا أيضا لمختلف العوامل التي أدت لذلك السقوط، ومنها العوامل الخارجية، التي تهدف إلى تقسيم سوريا، وعزلها عن القيام بدورها العربي والإسلامي المناهض للمشروع الصهيوني، وخنق المقاومة الفلسطينية واللبنانية، واستباحة مقدراتها ونهب ثرواتها، واضعافها بشكل كلي، وهذا ما ظهر اليوم جليا في الواقع السوري، الذي يتعرض للضربات الاسرائيلية المستمرة والتمدد التصاعدي الخطير .
وقد زاد من خطورة الأمر، هو دور المجموعات المتطرفة التي صعدت إلى سدة الحكم بقيادة المدعو أبو محمد الجولاني ، والذي أثبتت الأيام منذ سيطرته على مقاليد الحكم أنه ليس سوى أداة في يد القوى الخارجية بمختلف مسمياتها ، لمساعدتها في تدمير سوريا ، وهو اليوم أمام الأطماع الاسرائيلية، لا يرى لا يتكلم ولا يسمع ، ومجاميعه المتطرفة ترتكب أبشع المجازر بحق أبناء الشعب السوري المدنيين ، دون أي مبرر ، سوى الأحقاد الطائفية، وما تشبعت به نفوسهم من الكراهية ، وبخاصة في حق أبناء الطوائف الأخرى، كما يحصل للطائفة العلوية، فلا حرمة لشهر رمضان ، ولا حرمة لدماء مسلمين عُزل من السلاح ، بمافيهم النساء والأطفال.
وهذا وغيره يستدعي يقظة الأمة لمعرفة حقيقة هذه الجماعات الإرهابية التي تلبس ثوب الإسلام، وترفع راية الجهاد بالصورة المشوهة والمكان الخطأ.
كما يجب إدانة مايرتكبونه في حق الشعب السوري من جرائم وحشية وفظيعة ، واعلان البراءة من أفعالهم البشعة ، والحرص على الاستنهاض المستمر للأمة لتوجيه بوصلة عدائها لعدوها الحقيقي” أمريكا وإسرائيل ” ، والحذر من أدواته العميلة، والتي تتحرك في الاتجاه الذي يرسمه هو ، وإن حاول خداع الشعوب، فقدم هؤلاء العملاء على هيئة حكومات وأنظمة شريفة وعادلة، وأنها البديل الأنسب ، لقيادة الشعوب نحو الرخاء والحرية والاستقلال ، والأمر في الحقيقة مختلف تماما، وسلطة الجولاني في سوريا ، نموذجا حيا، لما يُراد فرضه على مختلف شعوب المنطقة.
كما أن على الشعب السوري بدرجة أساس، التنبه أكثر وعدم الخشية، والانتقاضة الواسعة لرفض مايحصل من سفك للدماء في حق إخوانهم السوريين ، والعمل على الخروج من الفخ الذي تُقاد إليه سوريا، بمبرر محاربة مايسمى فلول النظام السابق، حتى لا يأتي اليوم الذي تسقط سوريا نهائيا في وحل الاحتلال الخارجي ، والصراع الداخلي الذي لن تقف آثاره الكارثية عند مستوى معين ، وفئات مجتمعية محددة، فالجولاني ومن معه بمثابة الخنجر المسموم في الجسد السوري، وستكشف الأيام من هو على حقيقته أكثر، وأن الثورة التي يتشدق في الحديث عنها، والتغيير في سوريا إلى الأفضل كما يسميه، ليس سوى مجرد شعارات كاذبة والتفافا مكشوفا على الشعب السوري، والمستقبل الذي ربما كان يطمح له الكثير من أبنائه ممن خرج في ثورة على الأسد قبل سنوات، وإذا كان بشار الأسد كما يتصورون قد وقف حجرة عثرة أمام بعض طموحاتهم، فالجولاني وجماعته قد باع الجمل بما حمل، كما في المثل المشهور .
هذا مايجب من مسؤولية، براءة للذمة، ولو أن تكون هذه المسؤولية في واقع عقلاء الأمة ومخلصيها، كلٌ من موقعه، والاستعانة بالله، والثقة به لإحباط كل المخططات الأمريكية الصهيونية التي تستهدف أمتنا ، وإدراك أنه لا خيار سوى خيار المواجهة الواعية والمنظمة، تحت راية الإسلام المحمدي الأصيل، الذي ارتضاه الله لعباده، ومنهج هذا الإسلام، هو القرآن الكريم، الذي ” لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد” وتوحيد الصف الداخلي للأمة، والاصطفاف العملي الجاد إلى جانب القادة الأحرار في أمتنا، الذين رفعوا راية الجهاد في سبيل الله لمواجهة التحديات المحدقة بأمتهم.
و لا خوف فالله يقول” إنا من المجرمين منتقمون”
” والعاقبة للمتقين”.