“برقة” نموذج حي للإجرام الصهيوني
بقلم : خالد صادق
ما زال الاحتلال الصهيوني يحاصر قرية برقة المنتفضة في وجه الاستيطان، وقد أغلق الاحتلال مداخل ومخارج قرية برقة قضاء نابلس شمال الضفة الغربية نتيجة انتفاضة أهلها رفضا لاقتحام مستوطنين أراضي البلدة. وقامت قوات الاحتلال الصهيوني بنصب حواجز وسواتر ترابية على مداخل ومخارج برقة، لتفرض حصارا عليها, ويبدو ان الاحتلال بات يدرك ان محافظة نابلس ستكون شعلة الانتفاضة والهبة الجماهيرية في وجه الاحتلال وذلك بما تشهده بلدة بيتا من مسيرات الارباك الليلي المتواصلة والممتدة والمتعاظمة ضد الاحتلال وقطعان مستوطنيه الأشرار, وما تشهده بلدة برقة من مواجهات مشتعلة في وجه الاحتلال وقطعان مستوطنيه .فقبل نحو أسبوعين انتفض أهالي برقة رفضا لمحاولات قطعان المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، العودة إلى مستوطنة «حومش» المخلاة منذ 2005، وذلك بعد مصرع مستوطن وإصابة اثنين اخرين على مدخل المستوطنة, تتعالى الأصوات عبر مكبرات الصوت في مساجد بُرقة، مطالبة بالتوجه إلى المدخل الغربي للقرية، لإفشال خطة ومسيرة المستوطنين, وباتت محافظة نابلس تمثل بؤرة التوتر المشتعلة بشكل دائم في وجه الاحتلال, وقد حاول الاحتلال الصهيوني مرارا وتكرارا اقتحام البلدات في المحافظة واغتيال شخصيات فلسطينية مرصوده على قوائمه السوداء بحجة التحريض على الاشتباك مع الاحتلال واشعال انتفاضة شعبية في وجهه.
قبل أيام قليلة قام الاحتلال باغتيال الشهيد جميل الكيال وأصاب فلسطينيين آخرين بجراح، كما استشهد الشاب جميل جمال أبو عياش (31 عاما) من بلدة بيتا، ويعد أبو عياش الشهيد التاسع في قرية بيتا الذي يرتقي دفاعا عن جبل صبيح الذي يسيطر عليه قطعان المستوطنين الصهاينة بحماية الجيش النازي الصهيوني، حيث تنطلق وبشكل أسبوعي احتجاجات سلمية من الأهالي رفضا لإجراءات الاحتلال بمصادرة أراضيهم. وقد بات الاحتلال يركز هجومه هو وقطعان مستوطنيه الأشرار على قرية برقة, حيث دعت القوى الوطنية الفلسطينية إلى «التصدي لمحاولات ودعوات قطعان المستوطنين إلى اقتحام أراضي برقة», حيث يقيم الاحتلال مستوطنة «شافي شمرون» على أراضي بلدة برقة من الجهة الجنوبية، فيما تقع بؤرة «حومش» المخلاة على أراضيها من الجهة الشمالية, ويسعى المستوطنون الصهاينة للعودة الى مغتصبة «حومش» المخلاة والإقامة فيها تحت حماية الجيش الصهيوني, وانتشرت دوريات الاحتلال في القرية بشكل مكثف لحماية المستوطنين, لكن أهالي القرية تداعوا الى الدفاع عن أراضيهم غير آبهين بكل الإجراءات العسكرية التي اتخذها الاحتلال, وأساليب القمع الهمجية التي عاقب بها سكان القرية السلميين الذين يدافعون عن أراضيهم, وقد خرج أهالي برقة بصدورهم العارية لحماية أراضيهم ولم يعيدهم رصاص الاحتلال ولا هرواته التي انهالت عليهم بقوة.
برقة تحمل رسائلها الموجعة وهى تنظر الى شعبها الفلسطيني في كل مكان, وتنتظر تضامنا شعبيا وفصائليا وسلميا لوقف هجوم الاحتلال على سكان القرية ووقف مسلسل مصادرة الأراضي الذي لا ينتهي, وللأسف السلطة الفلسطينية لا تملك أي دور في الدفاع عن سكان قرية برقة, ولا تثير هذه الانتهاكات الصهيونية في المحافل الدولية, ولم يتعاظم خطابها الإعلامي في توجيه اللوم للاحتلال على ما يرتكبه من جرائم بحق أهالي برقة, وكأن الامر لا يعنيها من قريب او بعيد, والغريب والعجيب ان السلطة لم توقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني كما كانت تهدد دائما, اذا ما استمر الاستيطان يتمدد في أراضي الضفة المحتلة, حتى مستوطنة «حوميش» المخلاة بقرار شكلي من الحكومة الصهيونية على اعتبار انها مصنفة كبؤرة من البؤر العشوائية, ومحاولة المستوطنين العودة اليها, لم يستفز السلطة لتنظيم حملة لفضح ممارسات الاحتلال, ولم يدفعها للقيام بخطة إعلامية على وسائلها الإعلامية المختلفة لكشف جرائم الاحتلال, ووقف مسلسل القهر ومحاولة الاذلال لسكان القرية, وموقف السلطة المتخاذل يمثل انتكاسة لدى سكان القرية الذين كانوا يأملون تعزيز صمودهم فوق أراضيهم من خلال تضامن السلطة معهم ودعمها لهم, وباتت الأنظار تتجه الى أهلنا في الضفة الذي يتوجب عليهم الدفاع عن أراضيهم وحقوقهم من خلال انتفاضتهم في وجه الاحتلال الذي يجب ان يدفع ثمن حماقاته.
برقة ستبقى في دائرة الاستهداف الصهيوني, وما يحدث في برقة هو نموذج لما سيحدث في كل قرى وبلدات الضفة الغربية, فالاحتلال يوسع من اجراءاته التوسعية على حساب أراضي الفلسطينيين, وقد حذر مراقبون صهاينة من ان التساهل الذي يبديه الجيش الصهيوني تجاه المستوطنين, ومساعدتهم في تحقيق مآربهم الخبيثة بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين, هو مدعاة لزيادة العمليات العسكرية الفلسطينية ضد الجيش والمستوطنين, وان هذا يحتاج لمزيد من اليقظة والحذر والتعامل مع هذا الامر بمحاذير لأنه قد يؤدي في النهاية لانتفاضة عارمة على غرار انتفاضة الأقصى وانتفاضة الحجارة, وقد يؤدي لتصعيد خطير بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال.