خفايا المفاوضات مع السودان: الـ”عرابّة” قدح الدّم.. إسرائيل رفضت نداءات البشير لإنقاذه وبومبيو تلقّى التعليمات من نتنياهو وهدد البرهان.. و”ماعوز” الإسرائيليّ ضغط على ترامب: الإرهاب قبل التطبيع
المنهاج نت –
نقلاً عن مصادر مطلّعةٍ في كلّ من تل أبيب وواشنطن والخرطوم، كشف موقع (WALLA) العبريّ عن خفايا وخبايا أخرى حول العملية الدبلوماسيّة المُعقدّة التي قادت في نهاية المطاف إلى الإعلان عن التطبيع بين السودان وإسرائيل، حيثُ تبينّ أنّ الولايات المُتحدّة هددت السودان خلال المفاوضات بينهما أنّه في حالة رفض العرض الأمريكيّ للتطبيع مع الدولة العبريّة وإزالة الخرطوم من قائمة الإرهاب، لن تتلقّى بعد الانتخابات الأمريكيّة التي ستجري يوم الثلاثاء القادِم، لن تتلقّى عرضًا مُغريًا من الذي طرحته واشنطن.
وطبقًا للمصادر عينها، أكّد الصحافيّ للشؤون السياسيّة، باراك رافيد، أنّ إسرائيل دخلت على خطّ الوساطة بين واشنطن وتل أبيب، وتمثّل الأمر بقيام الدبلوماسيّ المدعو (ماعوز)، من جهاز الأمن العّام “الشاباك” باتصالاتٍ مُكثّفةٍ مع “الأصدقاء” في السودان، وقام بزياراتٍ سريّةٍ عديدةٍ وقصيرةٍ إلى العاصمة، بتكليف من رئيس مجلس الأمن القوميّ، مئير بن شابات، وبدعمٍ من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مُضيفًا أنّ القائد الأمنيّ، الذي يُسمَح بنشر اسمه الشخصيّ فقط، تحوّل لدبلوماسيٍّ، وقاد جهود الوساطة بين الخرطوم وواشنطن، ودفع باتجاه توقيع الاتفاق بينهما لشطب السودان من لائحة الإرهاب والإعلان عن التطبيع مع إسرائيل.
وأكّدت المصادر أيضًا، بحسب (WALLA) أنّه عندما اندلعت المظاهرات بداية العام 2019، ضدّ الرئيس السابِق، عمر البشير، وشعر الأخير بخطورتها أجرى اتصالاتٍ مع تل أبيب لكي تُنقذه من الورطة، وكان “ماعوز”، هو حلقة الوصل بين البشير ونتنياهو، لكنّ الأخير استمع إلى نداءات الاستغاثة وامتنع عن التدّخل لكي يُواصِل البشير في الترّبع على سُدّة الحكم.
ولفتت المصادر إلى أنّه في شهر أيّار (مايو) المُنصرِم، أيْ قبل نصف السنة من اليوم، وبعد حوالي خمسة أشهرٍ من لقاء رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو في أوغندا برئيس المجلس السيادي الانتقاليّ السودانيّ، عبد الفتّاح بُرهان، وقعت مأساة عندما تبينّ أنّ “عرابّة التطبيع”، نجوى قدح الدّم، أُصيبت بالـ”كورونا”.
وآنذاك، كشف باراك رافيد، المراسِل السياسيّ في القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، النقاب عن قضية هبوط طائرةٍ إسرائيليّةٍ في الخرطوم، ووفقًا للمصادر الرفيعة التي اعتمد عليها، فإنّ الطائرة حملت أجهزةً طبيّةً في مسعى لإنقاذ حياة الدبلوماسيّة قدح الدّم، لكنّها توفيت إثر إصابتها بفيروس الـ”كورونا”، مُشيرةً إلى أنّها كانت مستشارة رئيس أوغندا ومُقربّةً من رئيس مجلس السيادة الانتقاليّ البرهان، مشددة في ذات الوقت على أنّها هي التي قامت بترتيب اللقاء بين نتنياهو والبرهان في أوغندا في شهر شباط (فبراير) الماضي، على حدّ تعبيرها.
وتابع رافيد، نقلاً عن مصادره واسعة الاطلاع في تل أبيب أنّ الطائرة الخاصّة الصغيرة أقلعت من مطار بن غوريون الدوليّ متجهةً إلى الخرطوم، مُضيفًا أنّ إقلاعها وهبوطها في الخرطوم كانا سيبقيان طيّ الكتمان لولا الاهتمام الذي أبداه العديد في إسرائيل والسودان عن تحرّك الطائرة عبر الإنترنيت وقاموا برصدها.
ووفقًا لرافيد، الذي انتقل للعمل في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، فإنّه خلال المحادثة الهاتفيّة بين نتنياهو والبرهان، التي جرت قبل عدّة أشهرٍ، ناقشا إمكانية إرسال الطائرة لإنقاذ حياة الدبلوماسيّة نجوى قدح الدّم، مُوضِحًا، أنّها هي التي بدأت قبل حوالي نصف سنة من يوم وفاتها بترتيب العلاقات السريّة بين السودان والدولة العبريّة، التي أدّت في نهاية المطاف إلى اللقاء المشهور بين نتنياهو والبرهان في أوغندا في الثالث من شهر شباط (فبراير) الماضي، كما كشفت المصادر بتل أبيب.
وقال المحاميّ البريطانيّ- الإسرائيليّ نيك كاوفمان، الذي كان يتبادل مع قدح الدم الرسائل الأوّليّة من أجل ترتيب اللقاء بين الزعيمين الإسرائيليّ والسودانيّ، إنّ الحديث يجري عن دبلوماسيّةٍ مهنيّةٍ ومُمتازةٍ، والتي بفضلها تمّ إنشاء العلاقات بين السودان وإسرائيل، على حدّ تعبيره.
وأكّدت المصادر أنّ الإعلان عن التطبيع بين إسرائيل والإمارات كان علامةً فارِقةً بالنسبة للسودان، حيثُ أنّ البرهان كان على عجلةٍ من أمره لشطب بلاده من قائمة الإرهاب الأمريكيّة وإقامة علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ مع دولة الاحتلال، وفي نهاية آب (أغسطس) رتّب الإسرائيليون لوزير الخارجيّة الأمريكيّ، مايك بومبيو، رحلةً مباشرةً من مطار بن غوريون إلى الخرطوم، وقبل الإقلاع تلّقى بومبيو إرشاداتٍ وتعليماتٍ من مُستشاري نتنياهو حول آلية التفاوض مع السودانيين. كما أنّ الأمارات دخلت على خطّ الوساطة ونصحت الأمريكيين بتقديم عرضً للخرطوم أقّل مرارةً من سابقه، ووافقت واشنطن.
وأوضحت المصادر بحسب المراسِل رافيد أنّه في الـ21 من الشهر الجاري جرى اللقاء الفاصِل في الخرطوم، حيث زارها بطائرةٍ خاصّةٍ من تل أبيب رونين بيريتس مدير ديوان نتنياهو و”الدبلوماسيّ” ماعوز، وكان معهما مندوبين أمريكيين وكوريين جنوبيين. وخلال اللقاءات المُكثفّة مع البرهان، تمّ حل الإشكال الكبير في موقفيْ واشنطن والخرطوم، والذي تمحور حول السؤال: شطب السودان من لائحة الإرهاب أولاً وبعد ذلك الإعلان عن التطبيع، وعندما باتت المفاوضات قاب قوسيْن من التفجّر، وافقت واشنطن على شطب السودان من قائمة الإرهاب أولاً، وبعد ذلك الإعلان عن التطبيع مع إسرائيل، والذي أكّده الرئيس ترامب في محادثه المشهورة مع البرهان ونتنياهو يوم الجمعة الفائت الـ23 من الشهر الجاري.