من وحي عاشوراء: الحسين رمزا لكل الأمة .!!
المنهاج نت –
عاشوراء …. الطريق نحو الحرية والوحدة وتحقيق النهوض .
( قراءة مختصرة )
محمد أمين الحميري *
رموز الأمة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم هم في نظر المؤمنيين العارفين أولي الألباب رموزا للأمة كلها ،الأمة الواحدة ذات الدين الواحد والرسول الواحد .
* عظمة الأهداف والتطلعات :
وبناء عليه : فالحسين بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله ، وما قام به من ثورة حق، يمثل بالنسبة لهم مرجعية عظيمة يجب أن تحتذي به الأمة كلها إلى يوم الدين.
فهو قدوة لها ، من حيث تمسكه بهدي الله القويم واقتداءه برسول الله الكريم في أمر الدنيا والدين ، ومن حيث مسارعته للانتصار لدين الله من التحرييف والتزييف ، وحفاظا على الأمة باستنهاضها نحو التمسك بذلك الدين الحق فتستقيم حياتها على أساسه ويكون عزها ومجدها .
فلم تكن ثورته رضي الله عنه في وجه طغاة عصره من موقع الباطل والغطرسة وحب الأنا والرغبة في التسلط والهيمنة ، وإنما من موقع الحق والرحمة ، وتحمل المسؤولية في اعادة الأمور إلى نصابها ، فلا يعبد في الأرض إلا الله وحده لا شريك له ، ويسود العدل وينعم الناس بالحرية ، وتحفظ الحقوق وتصان الحرمات ، وتحمى الأمة كلها من أي اختراقات خارجية ستصيبها في مقتل على كل المستويات .
هذا هو الدافع ، ولسمو الهدف قدم نفسه رخيصة في سبيله ، والشهادة انتصارا عظيما عندالله لما سيحظى به الشهيد في الدار الآخرة ، وانتصارا في الدنيا ، من حيث رفض الظلم والطغيان وعدم الرضوخ والاستسلام ، وانتصارا في وضع مداميك مشاريع العزة والكرامة ، وأنها ستظل ثابتة ثبوت الجبال مهما غير المجرمون وبدلوا وأساءوا ، وهذه المداميك أبرزها الإيمان بالله والايمان بعدالة القضية ، والتأكيد أن سقوط العظماء شهداء لايعني النهاية ، وأن القضية يجب أن تستمر حية ، وليواصل الأحرار من بعدهم المشوار لاحقاق الحق وإبطال الباطل .
وأن كل من ينتمي للإسلام من بعدهم فعليه أن يقف الموقف ذاته في كل زمان ومكان ، وأن يسلك الخطوات والطرق التي سلكها من كان قبله .
* الشخصنة لا تليق ..!!
وإن من يذهب لشخصنة الأمور …فثائرا كالحسين بن علي رضي الله عنهم ، هو خاصا بمجموعة بعينها ، ولا يحرص على تقديمه كرجل اصلاح في الأمة ، ولابد أن يكون محل تقدير وقدوة لها بكل توجهاتها وطوائفها اليوم ، فهذه الشخصنة لاتمت إلا نبل الحسين ولا ثورته بأهدافها السامقة بصلة !!
* سلوكيات مقززة :
كما أن من يجعل من مناسبة استشهاده في عاشوراء ذكرى للنياحة والبكاء والعويل واللطم وشق الجيوب وغيره من الدروشة والطقوس ،فهو أيضا يضرب بالمقاصد الأسمى من ثورته وقضيته عرض الحائط ، ويستغرق في شكليات لا تصنع وعيا ولا تبني أمة ، فضلا عن أنها لا تؤسس إلا لثقافة الارتباط السلبي بالماضي دون أي استفادة من دروسه وعبره ، وهو من فتح الباب بمصراعيه أمام العدو الحقيقي للأمة ، فيستمر في النفخ بالنار وإليها يجر المغفلين من هذا الطرف ومن ذاك الطرف ، ولا سبب قد ألقى بهم جميعا إلى التهلكة سوى الطائفية النتنة وتراكمات كثيرة ذات صلة وثيقة بهذا الداء العضال ، الذي علينا اليوم كأمة المسارعة للتخلص منه ،والدواء متوفر إن غلبنا المصالح العليا وفكرنا بعقولنا لا بعقول أعداءنا .!!
* مواقف غير واعية أيضا :
وعلى العكس من هؤلاء من يضيق ذرعا من احياء روح الانتماء للأمة من خلال ربطها بأعلامها الأصفياء الصالحين المصلحين الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، لتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا ومن سارع فيهم من الطغاة والفاسقين والمنافقين من داخل الصف الاسلامي هي السفلى ، ومن هنا تتجسد معاني الإخوة الاسلامية بين المسلمين ، وتتوحد صفوفهم على كلمة سواء .!
إن هذا التصرف ، وكل سياسة تقزم ما قام به الحسين من دور رائد ، ومالذي ينبغي على مستوى الفهم والتصور الصحيح لطبيعة ثورته وعلى مستوى العمل في مسيرة الحياة ، والاكتفاء بمجرد التوصيف المجتزأ لمسيرة أهل الحق وأهل الباطل حينها ، واعتبار القضية من الماضي الذي لا يقدم ولا يؤخر !!
فهذا أيضا غير صحيح ، فالحق مرتبط ببعضه البعض وهو كلٌ لايتجزأ ، بالأمس واليوم وحتى قيام الساعة . وحصول الأخطاء والتصرفات التي لا تليق في هذا الصدد من بعض الطوائف ينبغي أن تكون باعثا لبيان الحقائق والارشاد إلى الأفعال السليمة ، لا مبرراا لاتخاذ المواقف السلبية وردود الفعل غير المدروسة ، أواللامسؤولية واللامبالاة ، وكأن شيئا لم يكن .!!!
* تجديد له مابعده :
إن العمل على استنهاض الأمة للإلتفاف حول قضاياها العادلة ورموزها الأحرار هو تجديد لإيمان ، وارتباط بأخيار ، وذلك كله دافعا لتشبث المؤمنين الصادقين من بعدهم بالحق أكثر ، وتشحذ الهمم حينما يكون أولئك هم القدوة لهم ، فيكون السعي الحثيث لتحقيق التطلعات ، ولو كان الثمن باهضا ، وأعلاه بذل النفس رخيصة في سبيلها ، وتقديم التضحيات في هذا المضمار ليس من موقع السذاجة والاكراه ، وإنما من موقع المعرفة والوعي وعن رضا وراحة كاملة بأن الشهادة شرف كبير لأهلها ، وهي من النصر العظيم لهم ، ولأهل الحق من بعدهم .
* رئيس التحرير .