نظرات في تحريف اليهود لقصة موسى في التوراة (1)

دراسات تاريخية

د محمد طاهر أنعم

تابعت فيلما وثائقيا من ثلاثة أجزاء عن قصة النبي موسى عليه السلام في الأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والنصرانية والإسلام.

ورغم تشابه القصة بنسبة كبيرة تزيد على 70 في المئة، إلا أنني استغربت من بعض التحريفات المتعددة والجوهرية والمسيئة لموسى -ولرب العالمين أحيانا- في التوراة.

التوراة هو مصدر القصة عند اليهود وعند النصارى كذلك، والذين يسمونها (العهد القديم) ويؤمنون بها إضافة للأناجيل التي يسمونها (العهد الجديد).

ورغم أن القصة تتشابه كثيرا في معظم أحداثها منذ ولادة موسى ونشأته ورحيله عن مصر إلى مدين وعودته، ودعوته لفرعون ومواجهته معه ورحيله مع قومه وغرق فرعون وجنوده، ثم الألواح وعبادة العجل والتيه لأربعين سنة، إلا أن التحريفات لافتة للنظر ومستغربة!

لماذا حرفوا بعض الأحداث، ولماذا محاولات الإساءة لموسى أحيانا، ولماذا إخفاء وتضييع بعض الأحداث المهمة، ولماذا الجرأة على تلك الأمور؟!

وأولا يجب أن نعلم أن التوراة ليست في معظمها كلام الله، بل بعضها من كلامه عز وجل نصا أو شرحا، وبعضها من كتابة الكتاب من الأحبار اليهود لتسجيل الأحداث في أيام موسى وسيرته وأحباره، وخاصة (سفر الخروج) الدي كانوا يكتبونه يوما بيوم أيام موسى عن قصته وقصة خروجه مع بني إسرائيل من مصر.

كما أن هناك قضية تاريخية مهمة وهي أن التوراة ضاعت وتم فقدانها أيام هجوم الجيش البابلي على فلسطين والسبي البابلي لبني إسرائيل إلى العراق في القرن السادس قبل الميلاد (بعد ثمانمئة سنة من زمن موسى).

وتم لاحقا في العراق جمع التوراة مجددا عن طريق الروايات الشفهية وبعض الأوراق هنا وهناك، فكان الوقت الأساسي للتحريفات.

يضاف إلى ذلك ما ذكره القرآن الكريم من التحريفات المتكررة في عدة عصور إرضاء للملوك، ومن أجل التكسب، ولعوامل نفسية وشخصية أخرى.

لقد كان القران الكريم فتحا عظيما للبشرية لتصحيح أكاذيب التوراة والإنجيل، ووضع الأمور في نصابها، وإنهاء لحقية طويلة من الإضلال الذي جعل اليهود قساة وعنصريين ومسيئين لأنبيائهم ومعتدين على غيرهم، وجعل النصارى يعتقدون أن عيسى هو ابن الله وتجب عبادته!!

وفي المقال التالي نستعرض عددا من تحريفات اليهود للتوراة في قصة النبي موسى عليه السلام، وما تؤدي إليه.

مقالات ذات صلة