فلسطين المحتلة : “هآرتس”: أحداث “سدي تيمان” توحي بالخطر الهائل الذي تواجهه “إسرائيل”
مقالات مترجمة
الخطر الأكبر على “إسرائيل”، الذي يهدد حقاً وجودها، ويُتوقع أن يقوّض استقرارها واقتصادها ووحدتها وهويتها، هو الخطر من الداخل.
الكاتب: إيهود أولمرت
نشرت صحيفة “هآرتس” التابعة لإعلام العدو الصهيوني مقالاً لرئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود أولمرت، يتحدث فيه عن الخطر الحقيقي الذي تواجهه “إسرائيل”.
اليكم نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
تخوض “إسرائيل” حالياً حرباً متعددة الجبهات. في الشمال، منذ عشرة أشهر ونحن في مواجهة عنيفة مع حزب الله. 80 ألفاً من سكان الشمال غادروا منازلهم وهم منتشرون في جميع أنحاء البلاد. في الجنوب – لا حاجة للتفصيل. الحركات في سوريا والعراق، والحوثيون في اليمن، وقبل كل شيء: إيران. كلهم منخرطون في حرب ضد “إسرائيل” وهم مستعدون لتوسيعها وتكثيفها.
في هذه الأيام، نحن منهمكون بمحاولة فك لغز طبيعة الردود المتوقعة من إيران وحزب الله على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر. في حالة شكر، أعلنت “إسرائيل” رسمياً مسؤوليتها عن الاغتيال، أمّا في حالة هنية، فامتنعت عن الإدلاء بأي تصريح، لكن “الفنان” بنيامين نتنياهو هرع إلى استوديوهات التلفزيون وأخبر شعب “إسرائيل” والعالم كم نحن أقوياء ومتطورون ومصممون على ضرب كل أعدائنا. وإذا كان هناك من يشك في ما إذا كانت “إسرائيل” هي التي قتلت هنية، فقد جاء نتنياهو، وبطريقته المتبجحة، ليعطي أكثر من تلميح للإيرانيين بأننا بالفعل مسؤولون عن العملية.
نحن مصممون على الرد بحربٍ شعواء ضد كل أعدائنا من الخارج، لكن الخطر الأكبر على “إسرائيل”، الذي يهدد حقاً وجودها ويُتوقع منه أن يقوّض استقرارها واقتصادها ووحدتها وهويتها، هو الخطر من الداخل، الذي لا يتناوله معظمنا على الإطلاق. هذا الخطر يشكّله النفوذ المتزايد للقطاع اليهودي – الخلاصي، الذي يقوى ويكتسب سيطرة في مختلف أجزاء “الدولة” والمجتمع الإسرائيلي، فيما هو مصمم على تقويض أسس وجودنا كما كانت منذ قيام الدولة.
أنا أتحدث عن حركة المستوطنين الذين يرتدون قلنسوة محبوكة (صهيونية دينية) ويتركزون في مستوطنات يهودا والسامرة (الضفة الغربية).
إنّ الأحداث التي وقعت في معسكر “سدي تيمان” التابع لـ”الجيش” الإسرائيلي ليست سوى برومو (مقدّمة) بسيطة لتهديدهم. هذا الخطر يظهر من خلال شعورهم، وشعور قادتهم وممثليهم في الكنيست والحكومة ومختلف السلطات البلدية والعامة، بأنّ كل شيء مسموح لهم، وأنه لا توجد سلطة في البلاد يمكنها إيقافهم. إنّ هجومهم على قاعدة عسكرية، وإلحاق الضرر بـ”الجيش” الإسرائيلي وجنوده وقادته، هو نتيجة حتمية للشعور بالقوة التي راكموها.
بنظرهم إنّ “إسرائيل دولة يهودية”، لا يوجد مكان لغير اليهود، وهم يهاجمون كل شخص غير يهودي، خصوصاً الفلسطينيين، ويمارسون العربدة بحقهم، ويدمّرون ممتلكاتهم، وحقولهم، ومصدر رزقهم، ويحطّمون سياراتهم، ويحرقون منازلهم ويلحقون الضرر بهم، تحت ذرائع مختلفة، معظمها ملفق وكاذب، وإذا أمكن يقتلونهم، والهدف النهائي هو طردهم وإخلاء الأرض للمستوطنين.
بالنسبة إليهم، لا يوجد خيار سوى تطهير المجتمع الإسرائيلي من جميع الذين يختلفون معهم، ومن أي شخص مستعد للنظر في تسوية إقليمية كجزء من عملية يمكن أن تؤدي إلى المصالحة بيننا وبين الفلسطينيين. وقد تم بالفعل توزيع الأسلحة المناسبة على الميليشيات التي تطيع قادة المعسكر الخلاصي.
ليس بعيداً اليوم الذي ستستخدم فيه هذه الميليشيات الأسلحة التي تلقتها لطردنا أيضاً نحن “اليساريين”. وفي هذه الأيام، عصابات المعربدين الذين يطيعون أوامر إيتمار بن غفير وأصدقائه من عوتسما يهوديت أو الليكود أو أحزاب أخرى في الائتلاف ليسوا فقط أعضاء كنيست أو شبيبة تلال، بل أيضاً ضباط شرطة ومحققين، الذين لن يفوا بالضرورة بالتزامهم القانوني بالتحقيق وكشف ما يجب كشفه.
فهل نحن قريبون بالفعل من واقع حرب أهلية، مواجهة عنيفة بين مجموعة من الخلاصيين وأخرى من المجتمع الإسرائيلي؟
لذا، فإنّه في الحرب الحالية، اتضح أنّ الخطر الحقيقي لا يأتي من إيران أو حزب الله، ولا من حماس ولا من الحوثيين. إنّه ينمو ويتطور من الداخل. لا مناص سوى الاعتراف بهذا والاستعداد للنضال العظيم من أجل حياتنا.
الآراء الواردة في المقالة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة الموقع وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة الناشرة.