صحافة “هآرتس”: نتنياهو يتحدث كأسد ويتصرف كأرنب
المنهاج نت ـ نشرصحيفة “هآرتس” التابعة لإعلام الاحتلال الإسرائيل مقالاً للمحلل الاقتصادي الإسرائيلي “نحميا شترسلر”، يتحدث فيه عن قرارات رئيس ما يعرف بحكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التي فوّت فيها فرص التوصل إلى صفقة أسرى مع حركة حماس، الأمر الذي يعدّ هزيمة استراتيجية ومعنوية بالنسبة إلى “إسرائيل”.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
“نتنياهو جيّد بالتهديدات فحسب، فهو يتحدث مثل الأسد ويتصرف مثل الأرنب، والأسرى لا يهمّونه ولا الشمال الذي يُقصف”.
الأسرى لا يهمّونه، والشمال المقفر والمقصوف لا يحرّكه، حتى الـ 1623 إسرائيلياً الذين سُفكت دماؤهم وقتلوا في الحرب التي يعدّ مسؤولاً عنها لا يتركون أي انطباع لديه. ما يهمه هو أن يبني الآن “رجلاً قوياً” يقف بشجاعة في وجه العالم بأسره، وأن ينأى بنفسه عن أي مسؤولية عن المذبحة الكبرى والفشل في إدارة الحرب.
طريقة نتنياهو هي إلقاء التهمة على الآخرين. طوال حياته، كان يفعل هذا. في يوم الأربعاء الماضي، في نقاش أجراه مع رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية، عرضوا عليه موقفاً موحداً مفاده أنّه يجب استغلال عمليتي الاغتيال ضد فؤاد شكر في بيروت، وإسماعيل هنية في طهران، لدفع صفقة أسرى وإنهاء الحرب في غزة؛ فبعد كل شيء، وقت الأسرى يصبح أقصر وأقصر، وعدم إعادتهم هو هزيمة استراتيجية ومعنوية.
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي قال: “علينا أن نمضي إلى صفقة”. وأضاف رئيس الموساد دادي برنياع: “إذا توانينا، فسوف نفوت الفرصة”. وحذّر رئيس الشاباك رونين بار قائلاً: “أشعر بأنّ رئيس الوزراء لا يريد المقترح المطروح على الطاولة”. وادعى منسق ملف الأسرى نيتسان ألون: “أنت تعلم أنّ جميع المعايير التي أضفتها لن تسمح بصفقة”، وقال وزير الأمن يوآف غالانت الذي كان الأكثر قسوةً: “يجب النظر إلى الصفقة على أنّها فرصة. لا يوجد سبب أمني لتأخيرها.. أنت تضع اعتبارات ليست في مصلحة الأمر”، وهذا اتهام خطير. يقول إنّ نتنياهو غير مستعد لإعادة الأسرى وإنهاء الحرب، لأنّ مصلحته الشخصية فقط أمام عينيه.. والحفاظ على كرسيه.
عند سماع ذلك، غضب نتنياهو ورفع صوته: “أنتم ضعفاء.. أنتم لا تعرفون كيف تتفاوضون”. وبذلك، ألقى التهمة عليهم.. كعادته، ولو أمكنه، لاستبدلهم جميعاً.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُلقي فيها على الآخرين مسؤولية فشل المفاوضات مع حماس؛ ففي نقاش سابق حول القضية نفسها، في نهاية آذار/مارس، قال إنّ عضوي الحكومة بيني غانتس وغادي آيزنكوت ورئيس الموساد برنياع “لا يعرفون كيفية إجراء المفاوضات بصلابة”. في تلك الأيام، كان رئيس الأركان ورئيس الشاباك إلى جانبه. اعتقدا أنّ الصفقة لم تكن جيدة بما فيه الكفاية، لكن منذ ذلك الحين، مر الوقت، وتغيرت الظروف. والآن، يعتقد جميع رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية أنّ من الضروري المضي قدماً والتوقيع، ونتنياهو فقط هو الذي ينسف الصفقة لأسبابه الشخصية.
من المضحك أنّه بعتبر نفسه قادراً على التفاوض. إنّه فاشل كبير في هذه القضية. في المفاوضات الأخيرة لتشكيل حكومة، استسلم لضغوط من الحريديم والمستوطنين، ولبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ومنح الأول السيطرة الكاملة على خزينة الدولة إلى جانب كونه وزيراً في وزارة الأمن، ومنح الثاني، وهو مجرم مدان وكاهاني محلف، السيطرة على الشرطة.
طوال فترة حكمه التي دامت 15 عاماً تخللتها استراحة صغيرة، أضعف نتنياهو “إسرائيل”. وفي آذار/مارس 2023، عندما نفّذ حزب الله هجوماً على مفترق مجيدو، طالبه العسكريون بالرد بشكل مناسب، لكنه تهرب من ذلك. وبذلك يكون قد أفهم نصر الله أنّ دم الإسرائيليين مهدور.
لقد سمح لإيران ببناء حزام من النار حولنا، وكذلك تعزيز برنامجها النووي. لقد اخترع أسطورة مفادها أنّ “حماس مرتدعة”، وسمح لحزب الله بالحصول على 130 ألف صاروخ. وفي بداية الحرب، كان يخشى الدخول البري إلى غزة. إنّه جيد بالتهديدات فحسب، فهو يتحدث مثل الأسد ويتصرف مثل الأرنب. والنتيجة هي أنّ الملايين من المواطنين ينتظرون الآن بخوف رداً إيرانياً، في حين أنّ أحقر رجل في تاريخ “إسرائيل” مستمر في القلق على مصلحته الشخصية فقط لا غير.
الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر عن سياسة الموقع وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة الناشرة.