أمريكا والعد التنازلي
مصطفى الصواف
لم أرى أمريكا والإتحاد الأوروبي أضعف مما أراهم اليوم بعد غزو روسيا إلى أوكرانيا وبدء تتفيذ عملياتها العسكرية ، حيث إكتفت أمريكا بالشجب والإستنكار، وأوروبا باعتبار أن الغزو الروسي مخالف للقانون الدولي. ما رأيته يقول لي أنني أرى الدول العربية والسلطة الفلسطينية تتكرر أمام ناظري عندما يتعرض قطاع غزة لعدوان صهيوني مجرم، وإكتفاء تلك الدول العربية والسلطة بالشجب والإستنكار واللجوء إلى مجلس الأمن الدولي. إنها القوة الغاشمة سواء من روسيا، أو الاحتلال الصهيوني تستخدم بحجة الدفاع عن النفس،كما يفعل الاحتلال عندما ينفذ عدوان على غزة او الشيخ جراح او الضفة الغربية بغض النظر عن حجم هذا العدوان. وكما سبق أن قلت أن روسيا لو نفذت عدوانا او غزوا على أوكرانيا فلن تتدخل أمريكا ولا أوروبا وتتصدي لهذا العدوان ، وهذا واضح منذ أسابيع والتحضيرات الروسية مستمرة للغزو وكانت أيام إختبار حقيقي لأمريكا وأوروبا واكتفيتا بالتنديد بفرض عقوبات على روسيا حال قامت بالغزو، وها هي العقوبات نفذت وقابلها الغزو الروسي لاوكرانيا على الأرض. ربما التفكير لدى روسيا ليس احتلال أوكرانيا ولكن تحويل الحكم فيها إلى حكم موالي لروسيا، وكذلك العمل على تفتيت مساحة اوكرانيا، وإحداث إنشقاقات وتصدعات في بنيانها الجغرافي وقد حدث جزء منه. هناك من ينتظر نتيجة الغزو الروسي ، وكيف ستتصرف أمريكا في مواجهة هذا الغزو ، ولعل المراقبون للاحداث لديهم توقع كبير بأن أمريكا لن تتدخل عسكريا في الصراع الدائر بين روسيا اوكرانيا لأنها تعلم أن المواجهة مع روسيا لن تكون سهلة بل مدمرة ولذلك ستكتفي بالعقوبات والشجب والاستنكار وستفعل روسيا ما تخطط له ، وكذلك سيفعل من ينظر إلى نهاية المعركة لتنفيذ ايضا ما يخطط له ،فلن يكون فقط غزو روسيا لاوكرانيا ولكن قد نشهد غزوا صينيا لما تحلم به الصين بعد التأكد بأن البعبع الأمريكا لم يعد بعبعا ، وأن التهديدات الأمريكية لم تعد تهديدات حقيقية وتشهد تراجعا وإنكفاء على نفسها. ونعتقد أن ما سيترتب على نجاح الغزو الروسي لاوكرانيا سيعيد تشكيل خارطة العالم لصالح تعدد الاقطاب بدلا من القطب الواحد، وسنجد تفكك إتحادات وتشكيل أخرى ، وما يجري سيكون أو النهاية للولايات المتحدة الأمريكية وهيمنتها على العالم وسيلحق الأمر بكيانات كثيرة من حول أمريكا ومما ترهبهم تهديداتها.