“بدنا نعيش”.. إذ يفصل بين عقيدتين أمنيتين
شادي أبو صبحة
تابعت تخريج وزارة الداخلية بغزة عدداً من الدورات التدريبية ضمن فوج “أحرار الوطن” نفذت فيه الكوادر الشرطية مناورات وتدريبات تهدف من خلالها إلى الارتقاء بالمهارات القتالية وفنون الدفاع عن النفس لديهم، ورفع الحس الأمني لمواجهة أي محاولات للعبث بأمن غزة، لحماية شعبنا والمحافظة على استقراره، وبما يضمن لها أن تكون خط الدفاع الأول في مواجهة الاحتلال. على الجانب الآخر من الوطن فجميعنا شاهد حفل تخريج منتسبي المؤسسة الشرطية في كلية الشرطة بأريحا قبل أيام، حيث ينظمون مناورات تدريبية على قمع مسيرة للمواطنين الفلسطينيين يهتف فيها النشطاء “بدنا نعيش ..بدنا نعيش… بدنا نطرد الأنذال”… مثل هذه المناورات والتدريبات الشرطية لوزارة الداخلية في حكومة شتية بالضفة وفي ظل سيطرة احتلال يبطش ليل نهار بأبناء شعبنا لا يمكن تفهمها، فبدلاً من تخريج من يحمي المواطنين من اعتداءات المستوطنين وبطشهم يتم تدريبهم على قمع الشعب وتكميم الأفواه والاعتداء على حقوق المواطنين. هي منهجية وعقيدة أمنية تتعمدها السلطة وتطبقها في سبيل الحفاظ على أمن الاحتلال وقطعان مستوطنيه من جهة والحفاظ على حكمها في الضفة من جهة أخرى، وبات الأمر نهجًا في الكليات التدريبية الشرطية للتدريب على القمع السياسي، واعتقال النشطاء واستدعائهم، والاعتداء على المظاهرات السلمية، وهو واقع مر؛ فالسلطة لا تحترم حقوق المواطنين، بل تقوم بتدريب كوادرها الشرطية على انتهاك الحريات وقمع المتظاهرين بشكل معلن. كان الأولى بحكومة شتية تدريب هذه الثلة من أبناء الشرطة الفلسطينية في الضفة المحتلة على مواجهة الاحتلال ومستوطنيه الذين يقتحمون المدن والمخيمات الفلسطينية في وضح النهار ويبطشون بأبناء شعبنا دون أي تدخل من الأمن الفلسطيني، ولا ننسى ما حصل في نابلس من اغتيال للمقاومين على مسمع ومرأى من الأجهزة الأمنية وما سبق ذلك من تعاون بين الأجهزة الأمنية مع الاحتلال لاعتقال واغتيال مقاومين نذكر منهم نعالوة وجرار وأبو ليلى وغيرهم من خيرة أبناء شعبنا عدا عن الاعتقالات اليومية التي ينفذها الاحتلال في مدننا وقرانا في الضفة. إن فكرة هذه المناورة إنما تدل على منهجية السلطة المتبعة للتعامل مع المواطن الذي يطلب لقمة العيش في الضفة وهو يعلم بأن ماله مسلوب ووظيفته مسلوبة وحقه في العيش مسلوب من السلطة وكبار قياداتها وعظام الرقبة والواسطات والمحسوبيات، ورجل الأمن يعلم ذلك جيدا بل يرغب في توصيل رسالة لأبناء شعبنا مفادها أن أي مسيرة ستقابل بالقمع والاعتقال وقد تصل الأمور حد القتل. لا أعلم من صاحب فكرة هذه المناورات لتخريج دورة شرطية! ثم هل هتافات المواطنين المشاركين في المناورة ويتم قمعهم “بدنا نعيش بدنا نطرد الأنذال”…هو القتل، وإن هذه السلطة لا تخجل من تعاونها مع الاحتلال. فقد سبق هذه المناورة تصريح للمتحدث باسم الشرطة في رام الله العقيد لؤي زريقات يقول: “إذا أخطأنا سوف نعالج الخطأ”. وهو يتحدث هنا عن قمع المعتصمين أمام مقر الشرطة في منطقة البالوع، في رام الله وقال: “إن الشرطة لا تفض المسيرات والاعتصامات ولا تقوم بعملية الاعتقال إلا تنفيذا لتعليمات القيادة السياسية” وهو ما يؤكد أن هذه التدريبات والمناورات هي منهج واستراتيجية لدى سلطة عباس … إن لم تستحِ فافعل ما شئت. كما قال زريقات: “سنقدم تدريبات لضباط وأفرد الشرطة في كيفية التعامل مع المواطنين واحترام حقوق الإنسان وصون الحريات” لا أدري عن أي حريات كان يتحدث وهل هذه التدريبات هي المطلوبة لاحترام حقوق الإنسان وصون الحريات كما قال؟ إذن نحن أمام مقارنة غير عادلة بين من يحرس الوطن والمواطن ويحافظ على أمنه وأمن غزة من الاحتلال وأذنابه من الذين لا يريدون استقرارها.. وبين من يسلب المواطن حريته هناك في الضفة ويبني ويشيد مؤسساته الأمنية ويدرب كوادره في خدمة أهداف محمود عباس للمحافظة على “كرسيه وضمانات بقائه”.