النخالة يتصدى لمحاولة أسرلة فلسطين
بقلم : خالد صادق
بواقعية شديدة وبعد عن الدبلوماسية السياسية التي تدخلنا في دهاليز السياسات ومتاهات لا نهاية لها, جاءت مقابلة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة لتجيب عن الكثير من التساؤلات التي تحتاج الى وضوح ومصارحة وتفنيد, وان كانت المصارحة صادمة أحيانا لكن تشخيصها السليم يمكننا من وضع العلاج المناسب لها كي نتغلب عليها, فعندما يقول الأمين العام للجهاد الإسلامي انه لا يمكن تحقيق رؤية الأنظمة العربية بأن فلسطين أصبحت إسرائيل, فهذا معناه ان تلك الرؤية التي يتبناها بعض الزعماء العرب باتت تحتم علينا كفلسطينيين ان نتماسك ونتوحد ونقوي جبهتنا الداخلية لمواجهته حقبة هي الأخطر تمر بها القضية الفلسطينية, وتحتم علينا كفلسطينيين ان نتعامل بحذر شديد مع الرؤى والمبادرات التي تطرح علينا من البعض والتي وصلت الى حد دعوة السلطة للتعاطي مع ما تسمى بصفقة القرن, وان نتحمل مسؤوليتنا في الدفاع عن قضيتنا الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة حتى لا يشعر الاحتلال بأريحية في التعامل مع قضيتنا, ويستسهل تمرير مخططاته ومؤامراته الداخلية والخارجية, لذلك كانت رؤية الأمين العام القائد زياد النخالة تنسجم مع رؤية الشعب الفلسطيني ومعظم قادته ومثقفية بضرورة ادامة حالة الاشتباك مع الاحتلال, واستخدام كل الخيارات المتاحة لمواجهته, والعمل على تشتيته وإشغاله حتى لا يستطيع تمرير مخططاته في التمدد الاستيطاني, وتطويع المنطقة العربية لسياساته وفرض ارادته بالقوة, وهنا يجب التركيز على الشعوب التي تعادي «إسرائيل» بالفطرة بصفتها كياناً معادياً, وعدواً مركزياً لهذه الامة, وان فلسطين جزء لا يتجزأ من عقيدة هذه الامة ومجدها وحضارتها.
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة أبو طارق، تطرق الى محاولة البعض اختصار القضية الفلسطينية في تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين, وقال «المقاومة يجب أن لا تقوم بدور الوكيل في تسهيل عمل المواطنين داخل الكيان الإسرائيلي»، كاشفاً أن «إسرائيل» تريد «تحويل الضفة وغزة الى مخازن عمال، وهذا لا نقبله», صحيح ان هناك معاناة كبيرة لدى الفلسطينيين وتحديدا في قطاع غزة بسبب سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة الى حد خطير, لكن فلسطين دائما تتطلب منا التضحيات الجسام لأننا نواجه عدواً يسعى لا فنائنا, ونحن نخوض معه معركة وجود, وهو يعقد كل سبل الحياة في وجوهنا كي نرضخ ونستسلم لسياساته, وهنا لا يجب ان نتعاطى معه ابدا, ولا يجب ان يشعر الاحتلال باننا ننتظر تسهيلاته ومبادراته لان هذه التسهيلات دائما ما ننتزعها بالقوة, ويقينا ان حركة المقاومة الإسلامية حماس تتعامل بحذر شديد مع ما يسمى «بالتسهيلات» الإسرائيلية, وهى تستطيع ان تتعامل مع الاحتلال باللغة التي يفهمها, وانه لا يجب مطلقا «مخاوف تحويل الناس في غزة من حالة تأييد للمقاومة الى البحث عن تسهيلات إسرائيلية كما قال الأمين العام وهذا الامر مفهوم تماما لدى فصائل المقاومة الفلسطينية, والشعب الفلسطيني بالتأكيد لم يخض كل هذا النضال طوال سنوات طويلة من اجل مدينة ترفيهية, او ميناء صناعي, او سوق مفتوحة انما الهدف دائما هو تحرير فلسطين وإقامة دولتنا المستقلة على كامل ارضنا الفلسطينية المغتصبة وعاصمتها القدس الشريف, ولن يتوقف نضال شعبنا ومقاومته الباسلة حتى تحقيق تلك الأهداف ونيل حريتنا واستقلالنا.
الواقع الرسمي العربي الصعب والمخيب للآمال بخصوص التعامل مع القضية الفلسطينية، والذي عبر عنه الأمين العام في مقابلته مع الميادين رأينا أحد شواهده في أن الاتفاقيات العسكرية والأمنية التي عقدها ما يسمى بوزير حرب الاحتلال «بيني غانتس» في المملكة المغربية، وإنها تأتي في سياق التحالفات المعلنة بين بعض الدول العربية مع العدو الصهيوني، وتشكل شراكة واضحة وتغطية لجرائم العدو ضد شعبنا الفلسطيني, وتتجسد كل يوم في حالة التماهي المطلقة بين الامارت والبحرين والسعودية مع السياسة الإسرائيلية وتنسجم بالكامل مع مخططات ومؤامرات «إسرائيل» الهادفة لتمرير ما تسمى بصفقة القرن, لذلك فان الأمين العام قال ان القرار العربي الرسمي بات يتعامل مع «إسرائيل» على انها هي فلسطين وأن الدول ذاهبة للتطبيع المجاني مع الاحتلال والسقف الأعلى لطموحاتهم ان يطلبوا من إسرائيل أن تتعامل بلطف مع الفلسطينيين !! موضحا ان هناك ثلاثة مشاريع تعمل على الأرض (مشروع الاحتلال – ومشروع السلطة – ومشروع المقاومة), والحقيقة انه لم يكن من السهل على الأمين العام الحديث عن مشروع السلطة الذي يلتقي مع مشاريع الاحتلال خاصة في الجوانب الأمنية ويفترق مع مشروع المقاومة الهادف لتحرير فلسطين بكل الوسائل الممكنة وكل الخيارات المتاحة, لكن ممارسات السلطة على الأرض واستمرار التنسيق الأمني والاعتقالات السياسية وملاحقة المقاومين, ورفضها لكل الوساطات لتحقيق المصالحة, واعتمادها على أمريكا لتقيق مطالبها, كل هذا يوحي ان السلطة لا تنحاز لخيارات شعبها, ولا تلبي ادنى طموحاته, فأصبحت تغرد خارج السرب الفلسطيني وتنشد سلامتها فقط!!!.