المقاومة والإرهاب وسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير
بقلم: الكاتب رامي ابو زبيدة
يعد اعلان وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، الجمعة، أنه سيتم حظر حركة “حماس” كمنظمة إرهابية هو نتاج غياب العدالة الدولية على مدار العقود الماضية التي كانت سبباً في حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، بل إن عدالة القضية الفلسطينية ونهج حماس الواضح في مقاومة الاحتلال، هذه المقاومة التي تقرها المواثيق الدولية، التي لم يكن من الممكن أن تخطئها عين ضاعت وسط ضبابية المعايير المزدوجة وسياسات الكيل بمكيالين أو حتى بأكثر من مكيال، ما أدى إلى طغيان أصحاب النفوذ الدولي والقوة الغاشمة على أصحاب المبادئ والقيم، وكذلك تحويل الباطل حقاً وإظهار الحق باطلاً !
بسبب المعايير المزدوجة لبريطانيا ومثيلتها في التعامل مع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، يتم اعتبار المقاومة الفلسطينية المشروعة عملاً إرهابياً، بينما ترى في الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني وتخريب مدنه وتجريف أراضيه وسجن أبنائه «دفاعاً مشروعاً عن النفس»، ما شكل مظلة رسمياً للكيان الصهيوني، لمواصلة اعتداءاته على الأبرياء، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة!
بريطانيا جزء من معاناة شعبنا، فمن خلال “وعد بفور”، الذي منحت بموجبه أرض فلسطين للحركة الصهيونية، لإقامة وطن قومي لهم، فهي تتحمل وزر هذا الوعد المشؤوم، وعليها مسؤولية سياسية وأخلاقية وأدبية، وهي مطالبة بوقف سياسة ازدواجية المعايير والاعتذار عن هذا الوعد وهذه الجريمة بحق شعبنا الفلسطيني، و تقر بكافة الحقوق الفلسطينية في هذه الأرض وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وتقرير مصيره .
تحاول دولة العدوان والاحتلال أن تستخدم كافة الوسائل الممكنة لإلصاق تهمة الإرهاب على أعمال المقاومة الوطنية، واستغلال هذا الموقف ضدها أمام المحافل الدولية وأمام الرأي العام للنيل من حق ومشروعية المقاومة.
فالمقاومة على المستوى العالمي هي طاقة حيوية تتمتع بها جميع الكائنات لتحافظ على حياتها، وتصد أية محاولة للنيل من سلامتها وأمنها ، أما على المستوى الإنساني فهي نشاط استراتيجي تمارسه الدول والمجتمعات والأفراد لمنع حدوث العدوان ابتدأ أو دفعه إذا حدث، ثم تتبعه حتى يكف المعتدي عن عدوانه ويرجع الحق إلى أهله، والمقاومة بهذا المعنى تعني أي نشاط شعبي أو مسلح ضد مستعمريها أو محتلي أراضيها من أجل الحصول على الحق في تقرير المصير .
أما الارهاب فتعرفه الموسوعة السياسية “استخدام العنف غير القانوني ، والتهديد به بأشكاله المختلفة كالاغتيال ، والتشويه ، والتعذيب ، والتخريب ، والنسف بغية تحقيق هدف سياسي مثل: إضعاف روح المقاومة والالتزام عند الأفراد ، و إضعاف المعنويات عند الهيئات والمؤسسات، أو استخدامه وسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال وبشكل عام استخدام الاكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الارهابية” .
وفي القاموس السياسي ، نجد أن كلمة الإرهاب تعني ، “محاولة نشر الذعر والفزع لأغراض سياسية، والارهاب وسيلة تستخدمها حكومة استبدادية لإرغام الشعب على الخضوع والاستسلام لها” .
والمقاومة الوطنية تتميز عن الأعمال الارهابية من عدة أوجه وهي :
من حيث المشروعية: تعد المقاومة الشعبية عن طريق حركات التحرير الوطنية المنظمة ضد المحتل أمرا مشروعاً حسب القوانين والاعراف الدولية ، بينما الإرهاب عامة هو عمل غير مشروع لأن هدفه أيضاً غير مشروع فهو يرتكب بدوافع الانتقام والترويع وبوسائل وحشية بغض النظر عن النتائج .
من حيث الهدف: تهدف الأعمال الارهابية دوما إلى الانتقام والتخريب وترويع الامنيين، وبالتالي فإن الهدف سواء كان مدنياً أو عسكرياً فهو عمل انتقامي وغير مشروع ، موجه لوجه غير معلومة وغير محددة. أما هدف المقاومة الشعبية أو الكفاح المسلح فهو دوماً الاحتلال وقواته، ذلك المحتل الذي اغتصب الأرض بالقوة، وأن ممارسة هذا الحق مستقر في المواثيق الدولية، ومن أهمها ميثاق الامم المتحدة وهما حق الدفاع الشرعي عملاً بالمادة 51 من الميثاق، وحق تقرير المصير عملاً بالمادة 55 منه .
من حيث الغاية والقصد: الغاية من وراء اقتراف العمل الإرهابي هي الانتقام والترهيب، وبث الخوف والرعب في نفوس الأمنيين ، أما الغاية والقصد من وراء المقاومة المشروعة فهي نيل الحرية والاستقلال، وازاحة الاحتلال عن اراضيه .
من حيث وسائل التنفيذ: وسائل المقاومة المشروعة هي موجهة ضد الأهداف العسكرية وجيش الاحتلال ومستوطنيه بينما وسائل الاعمال الارهابية غالباً ما تكون وسائل مدمرة تؤدي دوماً إلى إفناء الهدف وتدميره .
ختاماً الفرق واضح بين مفهومي المقاومة والإرهاب وأن ما يشهده الواقع الدولي من خلط هو نتاج لغياب مفهوم للإرهاب متفق عليه بين الدول حيث تلجأ بعض الدول إلي الخلط بين حق تقرير المصير وحق المقاومة المشروعة ضد قوات الاحتلال مما أضر بحركات الكفاح الوطني وأدي لاعتبار بعضها منظمات إرهابية، بالإضافة إلي ذلك، فإن اتباع الدول الكبرى لسياسات الكيل بمكيالين في تناولها لبعض الصراعات فوقوفها في جانب طرف دون الأخر أدي لزيادة الشعور بالظلم مما دفع نحو المزيد من العنف، إن تحرير الوطن والدفاع عن النفس ضد أي عدوان صهيوني يبقى حقاً منسجماً مع مبدأ حق تقرير المصير.