عطوان يكتب عن الإنعكاسات الخطيرة التي تقلب الطاولة على حلفاء امريكا اذا تم ادراج الحوثيين بقائمة”انصار الله ” الارهاب
هل وضع أمريكا “سرايا المختار” البحرينيّة على قائمة الإرهاب مُقدّمة لإضافة حركة “أنصار الله” الحوثيّة إليها؟ وما هي الأسباب الخمسة التي قد تحول دون ذلك؟ ولماذا لا نَستبعِد أن يُقدِم ترامب على هذه “الحماقة” ويُقدّم هديّةً “ملغومةً” لحُلفائه السّعوديين في الوقتِ الضّائع؟
عبد الباري عطوان
أثار قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب المُفاجِئ بوضع “سرايا المختار” البحرينيّة على قائمة الإرهاب العديد من علامات الاستِفهام، ليس لأنّ هذه المنظمة “المُتطرّفة” المُتّهمة من السّلطات البحرينيّة بقتل رجال شُرطة والتّخطيط لأعمال اغتِيال، وإنّما لأنّها “غير معروفة” بشكلٍ كبير إقليميًّا ودوليًّا أُسوةً بمُنظّمات عربيّة وإسلاميّة مماثلة، وربّما تكون هذه الخطوة تمهيدًا لعُقوباتٍ أكبر أهمّها وضع حركة “أنصار الله” الحوثيّة على القائمة نفسها في الأسابيع القليلة المُقبلة بضَغطٍ من السعوديّة ودول خليجيّة أُخرى.
ما يُعزّز هذا التوجّه، أيّ احتِمال وضع الحركة الحوثيّة على القائمة السّوداء نفسها، شنْ حُكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي اليمنيّة التي تتّخذ من الرياض مقرًّا لها، حملة علاقات عامّة شَرِسَة في هذا المِضمار في الأشهر الماضية قادها السيّد معمر الأرياني وزير الإعلام الذي قال الشّهر الماضي “إنّ تصنيف الحوثيين حركةً إرهابيّةً هو أولى خطوات حل الأزمة، وإنّ استِقرار اليمن مَرهونٌ بالقضاء على هذه الجماعة العُنصريّة الإرهابيّة”.
***
هُناك عدّة أسباب قد تمنع الإدارة الأمريكيّة حتى هذه اللّحظة من وضع حركة “أنصار الله” على قائمة الإرهاب:
-
أوّلًا: الحركة الحوثيّة لا تُقارن بجميع الحركات الأُخرى الموضوعة على هذه القائمة، لأنّها باتت أكبر بكثير من كونها مُنظّمة وأقرب إلى مُواصفات الدّولة، وتُسيطِر على مُعظم أقاليم الشّمال اليمني، وتملك قُدرةً عسكريّةً جبّارةً، باتت تتحكّم بجنوب الجزيرة العربيّة، وتُهدّد المِلاحة التجاريّة الدوليّة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وبحر العرب بدَرجةٍ أقل، مُضافًا إلى ذلك أنّها تتواجد على أرضٍ يمنيّةٍ، أيّ أنّها ليست طارئةً أو لاجئة وتُقيم بشَكلٍ شرعيّ، وفَشِلَت ستّ حُروب في اقتِلاعها من جُذورها قبل الحرب التي يشنّها حاليًّا التّحالف السّعودي الإماراتي وبدَعمٍ مِنه.
-
ثانيًا: هُناك مُعارضة قويّة من الأمم المتحدة والمنظّمات الإنسانيّة لمِثل هذا التّصنيف للحركة، حيث أنّ 80 بالمِئة من السكّان بحاجةٍ إلى مُساعداتٍ غذائيّة، وأكثر من 25 مِليون يمني يُواجهون المجاعة حاليًّا إلى جانب الموت بالأوبئة مِثل الكوليرا والكورونا، وأمراض سوء التّغذية، في ظِل نِظام صحّي مُنهار كُلِّيًّا، ولهذا فإنّ مِثل هذه الخطوة ستمنع وصول المُساعدات، وتُفاقِم المخاطر الإنسانيّة بالتّالي.
-
ثالثًا: وضع الحوثيين على قائمة الإرهاب سيعني إغلاق كُل الأبواب أمام المُفاوضات والحُلول السياسيّة بالتّالي، فحركتهم هي القوّة الأعظم سياسيًّا وعسكريًّا على الأرض اليمنيّة حاليًّا، وإذا جرى وضعها على لائحة الإرهاب فإنّ هذا يعني إغلاق الأبواب أمام أيّ دور لها بالتّسوية والحل السياسيّ الذي تُؤكّد جميع الأطراف أنّه المخرج الوحيد من الأزمة.
-
رابعًا: وضع الحركة على قائمة الإرهاب يجعلها في حِلٍّ من أيّ التزام بالقوانين الدوليّة وتطبيقاتها، والرّد بالمِثل على الغارات التي تَستهدِف مناطقها، وتقتل الآلاف من أبنائها، وتُحوّل اليمن وجِواره السّعودي إلى برك دماء، فاللّافت أنّ جميع الصّواريخ الحوثيّة التي جرى إطلاقها لضرب مُنشآت نفط أرامكو السعوديّة في جدّة وبقيق وخريص لم تَقتُل أو تُصيب مدنيًّا واحِدًا حتّى الآن.
-
خامسًا: وجود خِلافات داخل الإدارة الأمريكيّة حول هذه المسألة مثلما ذكرت صحيفة “الواشنطن بوست” في تقريرها الشّهر الماضي، مُضافًا إلى ذلك أنّ إدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطيّة الجديدة تُعارض حرب التّحالف في اليمن، وتتعهّد بوقف مبيعات الأسلحة للسعوديّة كورقة ضغط لوَقفِها.