عطوان يكتب عن ..إغتيال البروفيسور محسن فخري زادة
إغتيال البروفيسور محسن فخري زادة أب المشروع النووي الإيراني في قلب طِهران ربّما يُشعِل فتيل حرب تُغيّر الشرق الأوسط جذريًّا.. كيف سيكون الرّد الإيراني وأينَ ومتى؟ وهل سيكون روحاني وظريف وجناحهم المُعتدل أبرز الضّحايا إلى جانِب ترامب ونِتنياهو؟ ولماذا سيَصعُب على الصّقور “امتِصاص” هذه الإهانة؟
عبد الباري عطوان
تُشكّل عمليّة اغتِيال البروفيسور محسن فخري زادة ضربةً معنويّةً ونفسيّةً، واختراقًا أمنيًّا هو الأخطر بالنّسبة إلى إيران، ومحور المُقاومة، ويستدعي ردًّا قويًّا على المُستوى نفسه، إن لم يَكُن أعلى، لأنّ هيبة هذا المحور تتآكل بشكلٍ مُتسارعٍ، وتهديداته بالرّد لم تَعُد تحظى بالمِصداقيّة، والاهتِمام في أوساط الرأي العام، بشقّيه العربيّ والإسلاميّ، بعد تَصاعُد الاعتداءات الإسرائيليّة والأمريكيّة وأعمال الاغتِيال الاستفزازيّة المُهينة سواءً في العُمق الإيراني، أو في سورية والعِراق.
يدور حاليًّا جدلٌ كبيرٌ في أوساط القِيادة الإيرانيّة في اجتماعات مُغلقة لبحث كيفيّة الرّد على هذه العمليّة التي تُؤكّد مراجع عديدة أنّها نتيجة عمل استِخباري إسرائيلي أمريكي مُشترك ربّما شاركت فيه بعض الحُكومات العربيّة أيضًا:
-
المدرسة الأولى تُمثّل الجناح “المُعتدل” والبراغماتي، الذي يقوده الرئيس حسن روحاني وذراعه الأيمن محمد جواد ظريف، وزير الخارجيّة، وترى هذه المدرسة أنّ الهدف من عمليّة الاغتيال هذه هو جرّ إيران إلى ردٍّ انتقاميٍّ مُتسرّع يُقدّم للرئيس المهزوم دونالد ترامب وحليفه نِتنياهو الذّريعة لشنّ هُجومٍ كاسحٍ على إيران لتدمير مُنشآتها النوويّة وبُناها التحتيّة، سواءً بدورٍ أمريكيٍّ مُباشر، أو باستِخدام “إسرائيل” كرأس حربة، خاصّةً أنّ التّجهيزات لهذا الهُجوم شِبه مُكتملة بوصول حامِلات الطّائرات والسّفن الحربيّة، وطائرات “B52” القاذفة العِملاقة إلى مِنطَقة الخليج والشرق الأوسط.
-
المدرسة الثّانية يتزعّمها السيّد علي خامنئي المُرشد الأعلى، وحسن سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، وصُقور المؤسّسة الإسلاميّة الحاكمة، وتُطالب بردٍّ فوريٍّ وقويّ، وعدم انتِظار انتِهاء المرحلة الانتقاليّة المُتبقّية لإدارة الرئيس ترامب، لأنّ الكيل قد طفَح، وصُورة إيران كزعيمة لمحور المُقاومة، و”الإسلام الشّيعي” اهتزّت، وتَعكِف هذه المدرسة حاليًّا على اختِيار أهداف الرّد السّريع، سواءً داخِل فِلسطين المُحتلّة أو خارجها، وهذا ما يُفسّر وضع السّفارات الإسرائيليّة في العالم في حالةِ طوارئ أمنيّة قُصوى باعتِبارها أحد الأهداف.
أنصار المدرسة الثّانية باتوا يملكون اليد العُليا، ويُوجّهون انتقادات حادّة جدًّا إلى نُظرائهم في مدرسة “الاعتدال”، ويُحمّلونهم مسؤوليّة هذا التطوّر الأمني لأنّهم عارضوا أيّ ردّ عسكريّ على الغارات الإسرائيليّة على أهدافٍ إيرانيّةٍ في سورية والعِراق، واغتِيال عشرة عُلماء ذرّة إيرانيين وفي العُمق الإيراني، إلى جانب اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، ورفيقه أبو مهدي المهندس في مطار بغداد قبل عام تقريبًا، فعدم الرّد بشَكلٍ مُوجعٍ على جميع هذه الاستِفزازات هو الذي شجّع التّحالف الأمريكي الإسرائيلي على مُواصلة هذا النّهج، مثلما شجّع حُكومات خليجيّة إلى التّطبيع مع دولة الاحتِلال، وتوفير قاعدة عسكريّة وأمنيّة لجِهاز الموساد الإسرائيلي لتجنيد العُملاء وبِما يُسَهّل عمليّات الرّصد والتّنفيذ لهذه العمليّات.