عطوان يكتب إصابة ترامب بكورونا، وأثارها على حملته الانتخابية ..
هل يُطيح فيروس الكورونا بالرئيس ترامب ويُسدِل السّتار على حملته الانتخابيّة مُبكِرًا مثلما أطاحَ باقتِصاده؟ ولماذا كان بوتين ونِتنياهو الأكثر قلقًا من إصابته؟ وكيف شكّكت “الواشنطن بوست” بمِصداقيّة “رواياته” بالأرقام والوثائق؟
عبد الباري عطوان
تتضارب الآراء حول انعِكاسات الإعلان عن إصابة الرئيس دونالد ترامب وزوجته ملانيا بفيروس الكورونا، فهُناك من يقول إنّ هذه الإصابة قد تكون وبالًا عليه من حيث الحدّ من فُرصه في الفَوز في الانتخابات الرئاسيّة لأنّه سَخِر من الذين يلتَزِمون بإجراءات الوِقاية ويرتدون الكِمامات، وقلّل من خطَر هذا الوباء وتوقّع القضاء عليه بسُرعةٍ، بينما يرى آخرون أنّ هذه الإصابة ربّما تُؤدّي إلى زيادة التّعاطف معه في أوساط النّاخبين، وتحسين فُرص فوزه بولايةٍ ثانية.
ولعلّ أكثر الآراء غرابةً تِلك التي تقول إنّ الرئيس ترامب “كاذبٌ مُحترف”، ومن غير المُستبعد أن يكون قد لفّق هذه الإصابة، لجَذب التّعاطف معه في أوساطِ النّاخبين، وللهُروب من مُناظرتين مع خصمه جو بايدن الذي تفوّق عليه في المُناظرة الأخيرة في الأسبوعِ الماضي بمَراحلٍ.
صحيفة “الواشنطن بوست” التي لا تتردّد في المُجاهرة بعدائها له، وأعلنت أسرة تحريرها بأنّها ستَقِف في خندق المرشّح الديمقراطي بايدن، رصدَت 3000 كذبة للرئيس ترامب من بينها ألف كذبة تتعلّق بفيروس كورونا، وأشارت اليوم إنّه قال 34 مرّةً في تغريداته وخِطاباته ومُقابلاته إنّ الفيروس سيَختفِي بشكلٍ طبيعيّ في نيسان (إبريل) الماضي، مع بدء ارتِفاع درجة الحرارة، ومُنذ ذلك التّاريخ ارتفعت عدد الوفيّات إلى أكثر من 200 ألف حالة، ووصل عدد الإصابات إلى 7 مليون إصابة في أمريكا، وهي الأعلى عالميَّا.
شخصان كانا الأكثر هلعًا بتلقّي خبر إصابة ترامب بالفيروس وتمنّيا له من القلب الشّفاء العاجل، الأوّل هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان المُستفيد الأكبر من سِياساته المُتهوّرة، وتركيزه على الصّين كعدو، أمّا الثّاني فهو بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي شريكه في السّياسات المُعادية للعرب والمُسلمين، وتصفية القضيّة الفِلسطينيّة وفرض اتّفاقات التّطبيع.
ولعلّ تعليق جابرييل أتال المتحدّث باسم الحُكومة الفرنسيّة على إصابة ترامب بالفيروس كان الأصدق والأكثر شجاعةً عندما قال للصّحافيين “لا بُدّ أنّ الرئيس ترامب أدرك الآن أنّ هذا الفيروس لا يستثني أحدًا بِما في ذلك الذين أبدوا شُكوكهم بوجوده وخُطورته”.
النّاخب الأمريكي يُدرك جيّدًا أنّ تعاطي رئيسه مع وباء الكورونا كان مُخجِلًا، ولا ينسى كيف طالب المُصابين بشرب المواد المُطهّرة مِثل “الديتول”، وكشَف أنّه يتعاطى عقار “الكلوروكين” المُضادّ لمرض الملاريا كنوعٍ من الوقاية، وعلى عكس نصائح المُستشار الطبّي للبيت الأبيض.
خِتامًا نقول إنّنا نتمنّى للرئيس ترامب الشّفاء العاجِل من هذا الفيروس ليس محبّةً فيه، وإنّما لكيّ يُكمل ما بَدأه في ولايته الأُولى من حيثُ تدمير سُمعة امريكا، وما تبقّى من هيبتها، وإطاحتها بالتّالي من على عرشِ قِيادة العالم لمصلحة الصّين، وإذا لم تتحقّق هذه الأُمنية، وخَسِر الانتخابات لصالح خصمه الدّيمقراطي، وأوفَى بتعهّداته بعدم تسليم السّلطة، فإنّ الجائزة ستَكون أكبر، أيّ إشعال فتيل الحرب الأهليّة، وتفكيك امبراطوريّة الشّر الأمريكيّة.